سراقه ومحاولة قتل النبي
استيقظت قريش في صباح اليوم السابع والعشرين من صفر علي خبر خروج النبي ((صلي الله عليه وسلم ))
برفقة ابو بكر الصديق إلي المدينه المنوره متخفيين دون أن يراهم أحدا وكان هذا الخبر صادما لكفار قريش
لأنهم لم يريدوا أن يهاجر النبي وينشر الإسلام في المدينه المنوره ، فحدثت ضجه في انحاء قريش
وخرج سادة قريش برفقة أبنائهم للبحث عن النبي صلي الله عليه وسلم وصاحبه في أرجاء مكه وضواحيها ..
فذهب أبو جهل لمنزل ابو بكر الصديق رضي الله عنه وطرق الباب فخرجت له إبنة الصديق
أسماء بنت ابي بكر فسألها ابو جهل أين ابوكي ؟ فقالت أسماء لا أعلم فضربها علي وجهها
حتي سقط حليها علي الأرض ..
جن جنون زعماء قريش واسيادهم وأخذوا يبحثون في كل مكان عن رسول الله وصاحبه
وقرروا وضع جائزه قدرها 100 من الابل لمن يظفر برسول الله عليه الصلاة والسلام سواء حيا او ميتا ..
الخبر وصل الي حميع ارجاء مكه المكرمه واصبح الجميع يطمح بالجائزه
ومن هؤلاء الذين خرجوا للظفر بالجائزه وقتل رسول الله ( سراقه بن مالك ) ..
سراقه بن مالك كان رجل قوي البنيه ويجيد الفروسيه والرمايه وكان يعد من افضل رماة الأسهم في مكه المكرمه
وعندما سمع بالخبر قرر الخروج الي ضواحي مكه للبحث عن النبي وكان اوائل الذين خرجوا فور سمعاهم الخبر ..
لكن في نفس الوقت كان زعماء قريش علي بعد سنتيمترات قليله من رسول الله
حين اختبأ الرسول صلي الله عليه وسلم وابو بكر رضي الله عنه داخل غار ثور ..
وزعماء قريش استطاعوا تتبع اثار النبي حتي اوصلهم لغار ثور
حينها بحثوا خلف الغار وامامه ويمينه ويساره لكن لم يدخلوه ابدا
لان منظر الغار كان لا يوحي ابدا انا هناك شخص دخله منذ مده طويله فاستبعدوا الفكره تماما ..
والحقيقه ان زعماء قريش كانوا يقفون فوق النبي وصاحبه مباشرة حتي ان ابو بكرالصديق رضي الله عنه
شاهد اقدامهم تتحرك من فوقه فنزلت دمعته وشاهدها رسول الله فسأله مالذي يبكيك ؟
فقال الصديق : أخاف ان اري فيك مكروها يا رسول الله ..
فقال رسول الله : الله معنا ، وأرسل الله سبحانه وتعالي العنكبوت فغطي الغار بشباكه
حتي ان هناك صبي من قريش قال هلم الي الغار ننظر داخله فقال له أميه بن خلف ساخرا
ألم تري العنكبوت الذي عشش بالداخل ، والله إنه اقدم من محمدا نفسه ..
وبعد أن يأست قريش من البحث وقررت العوده لمكه كان سراقه بن مالك يبحث بدون ملل
في جميع أرجاء مكه وينطلق بحصانه من وادي الي وادي بحثا عن رسول الله
حتي قابل رجلا من قومه واخبره بأمر ما شعر بعدها سراقه ان الجائزه اصبحت مسألة وقت
كان هذا الرجل يرعي غنمه خارج مكه وشاهد رسول الله وابو بكر الصديق
لكن لم يكن يعلم بأمر الجائزه وعندما اقترب من الدخول الي مكه شاهد سراقه رجلا وكان من قومه
فأوقفه وتحدثا قليلا واخبره الرجل انه شاهد رجلان يشبهان رسول الله وابو بكرالصديق
ثم انطلق باتجاه المكان الذي حدده الرجل لكن حدث امر غريب لسراقه فكان خيله تغوص اقدامه في الرمال
وفي الطريق وبعد كل مسافه والأخري كانت تغوص اقدام الخيل في الرمال ويسقط سراقه من عليه
فتشائم سراقه من هذا الامر واخذ يحاول في الخيل ولكن لا فائده واستمرتعثره
حتي قرر الرجوع بعد ان تشائم ويأس وعندما هم بالرجوع شاهد رسول الله وابو بكر الصديق
علي مسافه قريبه منه وهم فوق الابل وهنا رجع طمعه مره اخري فركب خيله وقرر التوجه اليهم
لكن خيله لم يتحرك من مكانه
فأخذ قوسه وقرر تصويبه ناحية الرسول لكن الخيل اخذ يحرك قدماه حتي غطي الغبار عين سراقه
فنادي بصوت علي يا هذان ادعوا لي ربكم يطلق قوائم فرسي ، فدعا له الرسول وتحرر الخيل ..
لكن طمعه كان شديد حتي بعد ان دعا له الرسول وفك الله قيود خيله ، قرر ركوبها والتوجه لقتل النبي
والظفر بالجائزه وهنا التصقت خيله بالأرض اكثر من المره السابقه فناداهم وقال يا هذان
اليكم سلاحي وزادي ومتاعي فخذاه واليكم عهد الله ان ارد عليكم من ورائي
فقالا له ، لا حاجه لنا بزادك ولا سلاحك ولا متاعك لكن رد عنا الناس بمعني ضللهم ولا تقول لهم عن مكاننا
فدعا له رسول الله وفكت قيود خيله وعندما ارادوا الذهاب صرخ وناداهم مره اخري وقال لهم تريثوا احدثكم
والله لن يصدر مني مكروه ..
فقال لهم سراقه والله اني اعلم يا محمد انه سيظهر دينك ويعلوا امرك فعاهدني اني جئت في ملكك تكرمني
واكتب لي بذلك ، فعاهده النبي وامر ابو بكر ان يكتب له علي لوح عظم بذلك ..
وقبل ان ينصرفوا سأله النبي عليه الصلاة والسلام وقال له : كيف بك اذا لبست سواري كسري فارس ؟
فساله سراقه بتعجب وقال له كسري ابن هرمز ؟ وقال له النبي نعم كسري ابن هرمز
وكلام رسول الله تبشير لسراقه بأنه سوف يلبس سوار كسري في يوم من الأيام والأمر كان شبه مستحيل لسراقه
حتي انه تعجب وضحك عندما ساله النبي هذا السؤال ،عاد سراقه الي مكه واثناء رجوعه صادف بعض الفرسان
الذين خرجوا للظفر بالرسول صلي الله عليه وسلم ..
فقال لهم ارجعوا فأنني نفضت هذه المنطقة نفضا بحثا عن محمد وصاحبه ولم اجدهم فارجعوا
ورجعوا واستطاع رسول الله والصديق اكمال وجهتهم دون مضايقه من احد
علي الرغم من ان سراقه كان يعلم ان محمدا رسول الله ونبيه إلا انه كابر ولم يسلم حتي يوم فتحت مكه
ويوم فتح مكه جاء سراقه للنبي وكان بين اصحابه ودخل علي النبي ورفع صوته قائلا يا محمد انا سراقه وهذا كتابك لي قبل عشر سنوات
فقال له النبي ادنوا يا سراقه فهذا يوم الوفاء ونطق الشهادتين ونال رضي النبي عليه الصلاة والسلام
ولم تمضي اشهر حتي توفي رسول الله ودارت الأيام والسنين وجاء عهد ابو بكر الصديق وانتهي ثم جاء عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتي اصبح سراقه في الثمانينات من عمره
ومن الله علي المسلمين وفتحت بلاد فارس جميعها
فاخذ المسلمون الغنائم واتجهوا للمدينه وكان من ضمن الغنائم هي ثياب كسري المرصعه بالذهب وتاجه الممتلئ بالمجوهرات واساوره وخاتمه وتم ادخالها علي عمر بن الخطاب وعندما شاهدها حمد الله علي هذا النصر العظيم
ونادي سراقه بن مالك لتنفيذ وتحقيق ما بشره به النبي قبل هجرته .
ودخل عليه سراقه بن مالك وألبسه الفاروق ملابس كسره وتاجه واساوره ورجت المدينه بأصوات تكبيرات المسلمين
لأنه تحقق ما بشر به النبي صلي الله عليه وسلم سراقه ،
ثم رفع الفاروق رأسه للسماء وقال : اللهم انك منعت هذا المال رسولك . وكان احب اليك مني . واكرم عليك .
واعطيتني اياه . فأعوذ بك ان تكون اعطيتني اياه لتمكر بي ، ووزع المال علي المسلمين كافه ..
وصدق قول الله عز وجل عن رسوله الكريم "وما ينطق عن الهوي * إن هو إلا وحي يوحي * علمه شديد القوي"
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين ..
تعليقات
إرسال تعليق